للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بيننا من العهد المُزْري حُسنُه بِزَمَنِ الوردِ، سقاه الله صوب العهاد، ولا زال مُخْضَرَّ المرَاد، فما كان إلا غُرَّةً انْتُهِزَتْ

منْ تهاتُفِ البيضِ الغرائرِ، ولُمْعة اقْتُبِسَتْ من تضاحُك الترائبِ تحت سود الغدائر.

ولما علم أبو فلان، حليفُ شُكْرِكَ، وأليفُ بِرِّك، ما بيننا منَ المناسبِ الرُّوحانية، والمذاهبِ الأدبية،

استنهضني لشكر ما خصصته به من تقريب مَحَلٍّ، وتَخْفيفِ كَلِّ. فنَهَضْتُ في ذلكَ نهوضَ المبدئ

المُعيد، والْتحفْت برداءِ الثَّناء عليْكَ في المَحْفَلِ المشْهودِ، وسَرَّني كونُ هذا الفتى الدمث الخليقة،

السَّديد الطريقة، منْ إنْشاء تخريجكَ وتفهيمكَ، وأغْصانِ تَثْقيفكَ وتقويمِكَ، فإنّه يَقومُ بشكرما تُسْديه

إليْه، ويفي بصونِ ما تودِعه لديه، وليسَ كلُّ منْ أُوليَ الجميلَ يشكر، ولا كلُّ شجر وإنْ سُقيَ يُثْمِر،

وأنت بسروكَ توسعُ قريحته ذكاء، وصفْحتهجلاءً، حتى يَخْلُصَ خُلُوصَ الذهب، ويتخصص بحلْية

الأدب، مُحْرزاً في ذلك ذكراً يشيعُ خبره، ويفوح عنْبَره، والله تعالى يُبْقيكَ لهذا الشأْنِ تُذيعُ أسْرارَه،

وترفَعُ منارَه.

وكتب أيضاً لغيره في المعنى:

مَنْ دفعَتْهُ الأيام - أعزّك الله - إلى التَّقلُّبِ في الأقطار، والتَّكَسُّبِ بالأشعار، لم يَخْفَ عليه تواضع

الأحرار، في النُّجود والأغْوار. على أنَّ رسمَ الشعْرِ قدْ درَسَ أَوْكادَ، ومُرْتادَ البِرِّ قدْ عدِمَ المُرادُ

والمَرَاد؛ إلا أنَّ صاحِبَ هذا الشأنِ لا بُدَّ أنْ يتَصَرَّفَ، أَنْْجَحَ أوْ أخْفَقَ، ويتسَوَّقُ كسد أو نفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>