للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

غشتون. وصَمَدَ القَدَرُ إلى اعْتِرافِهم،

وشرعَ في خَفْضِ أعْلامِهم، وبَدَأَ بَنَقْضِ إبْرامِهم. فباطِلُهُم بائرٌ زاهقٌ، وآخرهم بأوَّلِهم لاحِقٌ، ونِظامهم

التَّالي في التَّناثُرِ مُتسابِقٌ.

فالحمد لله الذي ما شاء صَنَعَ، ولا مانِعَ لِما أَعْطى ولا مُعْطي لِما مَنَعَ، ذَكَّرَ المؤمنين بنعمته تخْويفاً

وتَحْذيراً، وأَذْهَبَ عنهم الرِّجْس وطَهَّرَهم تطهيراً. واستدرجَ الظالمين فاستكبروا في أنفسهم وَعَتَوْا

عُتُوَّا كبيراً حتّى إذا ذَلَّتِ الرِّقابُ وخَضَعَتْ، ونكَسَتِ الأبْصارُ وخَشَعَتْ، ومالَ البأْسُ بالرَّجاء،

وضاقتْ بما رَحُبَتْ فسَحاتُ الأرْجاء؛ تدارَكَهم منه الجميلُ وصَفْحُهُ، وجاءهم نصرُهُ العزيزُ وفتْحُه.

وكم قدْ رأَيْنا السُّحُبَ قاسِيَةً جامِدَة، والأرْضَ خاشعَةً هامِدَةً، فمَنَّ بِنِعْمَتِهِ المَطَر، وتلاحقَ اليُسْرُ منْ

أمرِه واحدَةً كلمْحِ البصرِ. فإذا آثار رحْمةِ الله قدْ وَضَحَتْ وتَبَيَّنَتْ، والأرْضُ قدْ أخَذَتْ زُخْرُفَها

وازَّيَنَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>