للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمةٌ من الله بالِغةٌ، ونِعْمَةٌ في طَيِّ المكْروهِ سابِغةٌ. فلَوْلا الكدَرُ ما عَذُبَ الصَّفْوُ، ولوْلا الذَّنْبُ لما

عرِف العَفْوُ. فهَنيئاً للأمير الأجَلِّ، المَلِكِ الأفْضلِ ما ارْتداه في تِلْكَ المواطنِ من النَّصْرِ، وأُفْرغَ عليه

من الصَّبْرِ، وانْتَشَرَ لَهُ منَ الصيتِ العالي والذِّكْر. فلقد أَلَفْاهُ الأمير أَيَّدَهُ الله في تلكَ الشدائد أشدَّ رُكْنٍ،

وأَثْبَثَ رِدْءٍ. ولَقد كافَح عنْ مُلْكِه، ودرأَ عنْ سُْطانه أكْرَمَ دَرْءٍ. دافع الله له عنْ حَوْبائِهِ ومَتَّعَ دولتهُ

الغرَّاءَ بمشْهده السامي وغنائه، وجزاهُ منْ نصيحته الحفية، ومُوالاتِه الصريحة الوفيَّة أحْسنَ جزائِهِ.

مكان القوْلِ - أيَّدَهُ الله - مُتّسِع، ولسانُ البيانِ عنْ غايَتِهِ منْقَطِع. وحَسْبيَ اعترافٌ بأيادِيهِ، وخِدْمَتي

تَقْتَضي حقَّ ناديه، والله تعالى يُظْهر أمْرَه ويُعْليه، وعلى أكرمِ ما عوَّدَه يُجْريه.

وأقرأُ على حضرتِهِ الجليلة أرْفعَ التَّحِيَّاتِ وأَوْفاها، وأَبَرَّها وأَتْقاها، وأَدْوَمَها وأَبْقَاها. ثُمَّ السلامُ

المُضاعَفُ المُرَدَّدُ، الموالي المُجدَّدُ عليها ورحمة الله.

وفي المعنى لأبي عبد الله بن أبي الخصال:

كتابُنا بعد صَدرِنا عن الغزو الذي نحن فيه. والحمد لله بين أمر جميلٍ، وصنيعٍ جليلٍ، وعَمَلٍ مبرورٍ

يُرْفعُ، وسَعْيٍ مشكورٍ، يُضْمَنُ لصحائف القبول ويُسْتَوْدع.

ونحن نشرحهُ لك حسبَ اتفاقه، ونسوقُ القول على اتِّساقه، لتتلقى فَضل الله بما تلَقَّيْناهُ منْ شُكْرِهِ،

وتُقدِّر صُنْعَهُ الكريم حقَ قدره.

فكانت وِجْهتنا هذه - تقبلها الله - معْقودةً أوَّلاً على قصد العدوِّ المنيخ على

<<  <  ج: ص:  >  >>