للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الموفور، ولوائنا المنصور، فقدَّمْناها فما اضطربنا الأبْنية، ولا

نصبنا الأخْبية، حتى دمّرْناها تدميراً، وجعلناها هبَاءً مَنْشُوراً. ودام أعداءُ الله ثُبوتاً فرشقَتْهم السهامُ،

وطالعهم الحِمامُ، واشتدَّ عليهم القتالُ، وضاقَ بهم المجالُ، حتى دُخلت المدينة عليهم منْ أبوابها،

وألجأهم الحَصْرُ إلى الترقي في أسبابها، والتعلق بذَوائبِ قِصابها، واسْتُبِيحَ حمى المدينة بأخْلائها،

واستولى السبي والحريقُ على أرْجائها، وصارَ أمر أعداء الله آخراً إلى أن تحزبوا بالقصبة لمنعتها،

واعتصموا بذِرْوَتها وعقْوتها، وكانوا عدداً جمَّاً لا طمعَ لنا في غلبتهم إلا في الأمد الطويل، والاستعداد

الجليل. فأمسكنا عنهم بعد أن جدَّ عليهم البلاء، وأخذ القتل منهم والسباء، ومس كثيراً منهم القُرْحُ،

وأثْخَنهُمُ الجُرْحُ، وخلال محاولتنا أمر مكادة أنفذنا إلى شنت أولاليه من عسكرنا، وقَّره الله، من

عاجلها بالحَيف، وتقبَّلها بالسيفِ، فقتل رجالها، وأسر عيالها، وألحقها مُلْحَقَ أختها مكادة في التغيير،

والحريق المُستطير، وصدر عنها، وقد زلزِلتْ قواعدها، وخرِّبَت معاهدها، وعوجلت بقطع الدابر،

وغودِرتْ كالرسمِ الدَّاثر، وتُرِكت تنوء بالجَدِّ العاثر. وحين فراغنا من حطْمِ تلكَ الجهات، وتدويخ تلك

الساحات، أخذنا في الصدر باللواء منشوراً، والجمع موفوراً، والفَتْح يُشْرِقُ نوراً، فأُبْنا، وبلاءُ الله

عندنا حسن جميل، وظلّ السلامة على الأولياء ممدود ظليل. والحمد لله على ما عرَّفنا من الظَّفَر،

وسوغنا من الغُنْمِ الأوفر، حمداً يتكفل بمزيد النِّعم، ويقتضي دوامَ صُنعه الأكرم. لاَ رَبَّ غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>