المُقَلَّد، فحالَ بسيطَها بالغارة الشّعْواء، وأراها بأنَّه منسجمُ الأهواء. فقد أحْماها وهو مُباح، وأرْواحُ فوارِسها
تُسْتَباحُ، فكَأنَّ وميضَ بيضِهِ بُرُوقٌ وخواطِف، وهاماتهم أزْهارٌ وهْوَ قاطِف، ولله عقائلُ منْ سبْيهم
زُفُّوا إليه، ولمْ يَخْطُبُهُنّ إلا بحرابِه، ولا أُولِمَ لَهنَّ غيرُ طعْنِه وضِرَابِه، فبرزْنَ في يومٍ مهول، ينْظُرْنَ
نظرَ ذهولٍ، وقد نشَرْنَ الغدائر حزْناً، وأَسْبَلْنَ المدامِعَ مزْناً، والشُّموسُ لهنَّ حواسِد، وهنَّ لديه ملقيات
كواسد. ولا بطل يرنُو إلى كاعِبٍ، وسيفُه في يده كمِخْراقِ لاعب، فَعُدْنَ مُعَطَّلاتٍ حتى منَ التَأمُّل،
وأَبْدَيْن الكآبة لمَّا ضعفْنَ عنِ التَّجمُّل. وكم منْ خَوْدٍ كانت عن الحرير مرْتَفِعَة، وصوناً عن الشمس
مُتَلَفِّعة. بدتْ للعيُونِ، واكْتَسَبَت ملابسَ هونٍ، فَزِعَتْ بالويلِ، وسعتْ بين أرجُل الخيل. لم تلْقَ حافِظاً،
ولمْ تَر بالحَثَرِ لها لاحظاً. فأَرْضُ الرُّوم منْ وقائِعِ القائِد الأعلى قد اخْتلِسَ فُؤادُها، ويَئِسَ من استقلالها
عُوَّادُها، فلازالتِ الدولة به مَحْمية الأقطار، مقضيَّةَ الأوْطارِ، تَتَوالى عليها الفُتُوحُ توالي العهادِ على
الرَّوْضِ، والوِرادِ على الحوض.
قوله: (في هذا المزدوج كحاثر الأنفاس وتداني الأشخاص) جمع فيها بين السين والصاد، لأنهما من
مخْرج واحد، وهو المٌخْرج التاسع من مَخَارج الفم، ولا شتراكهما في الصَّفير والهمْس؛ فالجمع بينهما
في مثل هذا جائز، كما فعل الراجز حيث يقول:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute