مناسِكَها، وأوْضَحَ في مناهجِ البِرِّ مَسالِكَها، لقدْ شهدَ فيها الميقاتُ
بِخُلُوصِ إحْلالِكَ وإحرامِكَ، واهتزَّ البيتُ العتيق لطوافِكَ واستِلامِكَ، ورضيَتِ (المرْوَة) و (الصفا)
عن كمالِ أشواطِكَ، وتهلَّلَ (بَطنُ المسيل) لسعيِكَ فيه وانحطاطِكَ، ثمَّ بالموقف الأعظمِ منْ (عَرَفَة)
سطعَ عرفُ دُعائكَ وتَخشُّعِكَ، وارتفعَ خفْضُ رغْبَتِكَ وتضرُّعِكَ، في البيت المكرم من المُزْدَلِفَةِ حظي
تقَّرُّبُكَ وتزَلُّفُكَ، وزكا تهجُّدُكَ وتَنَفُّلُك، وعندَ (الإفَاضَةِ) فاضتِ الرحمة عليكَ، وكمُلَتِ النعمةُ لديكَ.
وأمَّا (منىً) ففيها قضيْتَ مُناكَ وأَوْطارَكَ، وقُبِلَتْ هَدَايَاكَ وجِماَرُكَ، وحُطَّتْ خَطَاياكَ وأوْزارُكَ، فما
صدرت عنْ تِلْكَ المعالم المُكرمة، والشعائر المُعَظَّمة، إلا وهيَ راضيةٌ عنْ عَجِّك وثجِّكَ، شاهدةٌ لكَ
بكمالِ حجِّكَ، مُشْفِقَةٌ منْ فِراقِكَ وبُعْدِكَ، مُتَعَلِّقةٌ لوْ أمْكَنَهَا بِبُرْدِكَ، وقَبْلَُ أوْ بَعْدُ ما تأنَّستْ بكَ يثرِب،
ورفعَ لكَ في جَنَباتِها مضرب، فشافهتَ منازلَ التنزيل، وطالَعْتَ معاهِدَ الرَّسولِ، وقَضيْتَ منْ زيارةِ
القبرِ الكريمِ واجباً، وقُمْتَ بينَهُ وبينَ المنْبَرِ ضارِعاً وراغِباً. فما حُجِبَ عنهُ عليهِ السلامُ زَوْرُكَ
وإلْمامكَ، وقصْدُكَ وائْتمامُكَ، وصلاتُكَ وسلامُكَ؛ بَلْ كانَ لكُلِّ ذلكَ واعياً سامعاً، ويكونُ لكَ بحولِ الله
شاهداً شافعاً، فهَنَّأكَ الله، وما منَحَكَ منْ جزيلِ الأجرِ في موقفِ الحَرمين، وأطارَ لكَ منْ جميلِ الذكرِ
في الخافقيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute