فالحمد لله على ذلك ما انسكبَ قَطْرٌ، وانصدع فَجْرٌ، وتوقَّد قبس، وتردّد نفس، وهو الكفيلُ تعالى
بإتمام النَّعماء، وصلة أسباب الحياة والحياء بمنِّه.
وفي هذا المعنى فصل لأبي عمر الباجي يقول فيه:
إنَّ لله تعالى وجلَّ قضايا واقعة بالعدل، وعطايا جامعة للفضل، ومنحاً يجعلها لقومٍ صلاحاً وخيراً،
وعلى آخرين فساداً وضيراً. فلا نظير له ولا نديد (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) وبعد ما كان من إمساك الحيا، وتوقف السُّقْيا،،
قد ريع به الآمن، واستطير له الساكن، ورجفت الأكبادُ فزعاً، وذُهلت الألباب جزعاً، وأذكت ذكاء
حرها، ومنعت السماء درَّها، واكتست الأرض غُبْرَةً بعد خضرة، ولبستْ شُحُوباً بعدَ نضْرة، وكادتْ
بُرُودُ الأرض تُزْوى ونِعمُ الله تُطوى. نشرَ الله العزيزُ الكريمُ رَحْمَتَهُ، وبسطَ نعمتَهُ، وأتاح منَّته،