هَيْهَاتَ أعْجَلَه الأُفُولُ بأفْقه ... إنَّ الأُفولَ لآفةُ الأَقْمار
يا كَوْكَباً ما كانَ أَقْصَرَ عُمْره ... وكذاكَ عُمْرُ كواكِبِ الأسْحَار
لَهْفي عليْكَ وقلَّ لَهْفي أن أرى ... حَيَّاً وما غيْرُ البُكاءِ شِعارِ
ياموتَ كِبْدي قد أَخَذْتُ ولم تدَع ... إلاّ أنينَ الحُزْنِ تحتَ دثار
أقْسمتُ لوْ أنِّي بمُقلةٍ نائم ... ما إنْ أحسَّتْ غيرَ دَمْعي الجاري
بكَ كُنْتُ أُبْصِرُ يا بُنَيّ وها أنا ... أعْمى وإنيِ منْ ذوي الأبْصارِ
بكَ كنتُ أسْطو أوْ أصولُ على العِدَى ... في جُنْح ليْلٍ أوْ ضياء نَهارِ
بكَ كنُت مُنْتَصِراً فما أَسْلمْتَني ... للنَّائبات ولا أضَعْتَ ذماري
لهْفي عَلَيْكَ وتمَّ لَهْفي دائماً ... ضَعُفَتْ قوَايَ وَبُدِّدَتْ أنصاري
سلَبَتْكَ عَنِّي النَّائباتُ بسُرْعَةٍ ... سلبَ النَّواظر منْ حِمَى الأشْفار
كُنْتَ المُهَنَّدَ حيْثُ شمَتُك لمْ تزَلْ ... في نُصْرتي أمْضى من الأقْدار
والسّيفُ مهْما شيمَ رُدَّ لِغِمْدِهِ ... معنى الغَمُودِ صيانَهُ الأشْفارِ
إنْ تَعْذِلُوني لَسْتُ أوَّلَ والِهٍ ... أوْ تَعْذِرُوني قدْ بَدَتْ أَعْذاري
إنْ كُنْتُ معْتَرِفاً فمِنْ حُكْمِ الأسى ... أوْ كُنْتُ أُنْكِرُ لمْ يُفِدْ إنْكاري
لوْ كانَ دَمْعي قدَّرَ بَعْضِ تَفَجُّعِي ... أَغْنى الورى عنْ وابِلِ الأمطارِ
ياأيُّها المُغْتَرُّ منْ أَيَّامِهِ ... دَارِ انْقِلابَ صُرُوفِها بكَ دارِ
لاتخْدَعَنْكَ بَوارِقٌ منْ أُفْقِها ... وحَذارمنها ما اسْتَطَعْتَ حَذارِ
لا تخْدعَنْكَ من الزمانِ مَسَرَّةٌ ... خُلِقَ الزَّمانُ مَساءَةَ الأحرارِ
وإليكِ يا دُنْيا فلسْتُ بِغافِلٍ ... عَمَّا جَرى لبََنيك أوْ هُوَ جارِ
أَجَهِلْتِ ما تُطْوى عليهِ بِذي الورى ... أوَ ما درَيْتِ بأنَّني بِكِ دَارِ
كَمْ كدْتِ منْ أَهْلِ العُلُومِ وغيرهِمِ ... حتَّى منَ الرُّهْبَانِ والأحْبارِ