للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيَّ عبد الله كأنّه يُقبلني فأنكرتُ ذلك، فالتفَتَ إلى المأمون فنظر إليه كأنه مَيْتٌ لما دَخَله من الجزع والخجل،

فرحِمهُ وضمَّه إليه وقال: يا عبد الله أتُحِبُّها؟ قال: نعَمْ يا أمير المومنين. قال: هي لكَ قُمْ، فادْخُلْ بها في تلك القُبَّة. ففعل، ثم قال

له: هل قلت في هذا الأمر شيْئا. قال: نعم يا سيدي، ثم أنشده:

ظَبْيٌ كتبتُ بِطرْفي ... من الضَّمير إليه

قَبَّلْتُه منْ بَعيدٍ ... فاعتلَّ من شفتيه

ورَدَّ أَخْبَثَ ردٍّ ... حتَّى قَدَرْتُ عليه

وفي هذا المعنى يقول أحد البلغاء: (اللَّحْظُ يُعْربُ عن اللفْظ) وقال الآخر: (رُبَّ كِنايَةٍ تُغْني عنْ

إيضاح) (ورُبَّ لحظٍ يدُلّ على ضمير). ونظمه الشاعر، فقال:

جَعَلْنا علاماتِ المَوَدَّة بيننا ... دَقائقَ لحْظٍ هُنَّ أَخْفَى من السِّحْرِ

فأعْرِفُ منها الوَصل في لين لَحْظِها ... وَأَعْرِفُ منها الهَجْرَ بالنَّظَرِ الشَّزْرِ

ومثل هذا قول بعض الحكماء: (والعينُ بابُ القلبِ). فما كان في القلْبِ ظَهَرَ في العين. وقال

الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>