للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

(العراق). ركضت فيه جياد راحاته؛ وجرى الدهر مطيعا بين بُكَرِه وروحاته. أيام لم تحلّ عنه تمائمه،

ولا خلت من أزهار الشباب كمائمه. وكان يَعْتَدُّها مَجْبَى مالِه؛ ومنتهى اعماله، الى بهجة جنباتها؛ وطيب نفحاتها وهباتها،

والتفاف حمائلها؛ وتقلدها لنهرها مكان حمائلها، وفيها يقول أبو بكر الداني:

ألا عَلِمَ المعتدُّ بالله أنّني ... بِحَضْرَتِهِ في جنَّةٍ شَقَّها نَهْرُ

وما هو نهر أعشَبَ النبتُ حوله ... ولكنه سيف ٌحمائله خُضرُ

فلما صدر عنها، وقد حسنت آثاره في تدبيرها؛ وانسدلت رغائبه على صغيرها وكبيرها. نزل

المعتمد عليه مشرفا لأوبته؛ ومعرفا بسمو قدره لديه ورتبته. فأقام يومه عنده مستريحا؛ وجرى في

ميدان الأنْس بطلا مشيحا.

وكان المعتمد واجِداً على ابنه الراضي؛ فذكَّرَتهُْ الحُميّا بُعْدَهُ عنه ونَواه؛ فَحَنَّ عند ذلك لِلُقْيَاه، وزال ما

كان يَجِدُ عليه؛ فأمر بإحضاره بين يديه. فلمْ ياتِ ابنُهُ الراضي إلا وقد مَالت بالمعتمد نَشْوَتُه؛ بعدما

ازدهته من الطَّرب أَرْيَحِيَّتُه. فلما وصل ابنه الراضي؛ أَلْفاه قد أغفى في مُنْتداه؛ وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>