رُوحُوا العشية روحة مذكورة ... إِنْ متْنَ مِتْنا وإن حيينَ حَييناً
فما أتممت الغناء، حتى قامت الجارية، فأكبت على رجليّ تقبلهما. وقالت: معذرة يا سيدي. فوالله ما
سمعت أحداً يغني هذا الشعر غناءك. وقام مولاها، والرجلان، ففعلوا كفعلها وطربوا، واستحسنوا
الشراب، فشربوا بالطاسات، ثم اندفعت أغني:
أفي الحقِّ أن أُمسي ولا تذكرينني ... وقد سجمت عيناي من ذكرك الدَّما
إلى الله أشْكو بُخلها وسماحتى ... لها عَسَلٌُ مني وَتَبْذُلُ عَلْقما
فداوي مصاب العقل أنْتِ دواؤه ... ولا تتركيه ذاهل العقل مُغْرَما
إلى الله أشكو أنها أجنبية ... وإني لها بالوُدِّ ما عِشْتُ مكرما
فطرب القوم حتى خرجوا عن عقولهم، أو كادوا. فأمسكت عنهم ساعة، حتى تراجعوا ثم غنيت:
هذا مُحبك مَطوِيّاً على كمده ... فاضَتْ مدامعه سحّا على جسَدِهْ
له يَدٌ تسأل الرحمانَ راحتَه ... مما به ويدُ أحْرى على كَبِدهْ
فجعلت الجارية تصيح: هذا والله، هذا والله، لا ما كنا فيه. وسكر القوم، وكان صاحب المنزل حسن
الشرب، صحيح العقل. فأمر الغلمان أن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute