ومَرَّ بِفِكري خاطراً فَجَرحته ... ولم أرَ شيئا قَطُّ يَجْرَحَهُ الفِكَرْ
فهيجت بلابلي، وطربت بحسن شعرها، ثم غنت:
أشرتُ اليها هل عرفتِ مَوَدَّتي ... فَرَدَّتْ بِطرفِ العيْن إني على العهد
فَجُدْتُ عن الإِظهَار حِفظاُ لِسِرِّهَا ... وحادت عن الإِظهار أيضاً على عمْدِ
فصحْتُ: السِّلاحَ وفجأني من الطرب، ما لم أملك به نفسي، ثم اندفعت تغني:
أليس عجيباً أنَّ بيتاً يضمُّني ... وإيَّاكِ لا نخلو ولا نتكلمُ
سِوَى أعْينٍ تَشكُو الهوى بجُفُونها ... وَتَقْطيعِ أنفاس على النار تُضْرَمُ
إشَارة أفواه وغمز حواجب ... وتكسيرُ أجفانٍ وكف يسلّم
فحسدتها - والله - على معرفتها بالغناء، وإصابتها المعنى، وأنها لم تخرج عن المعنى الذي ابتدأت
به غناءها. فقلت: بقي عليك يا جارية، فضربت بعودها الأرض، وقالت: متى كنتم تحضرون
مجالسكم البغضاء؟ فتغير القوم لذلك، فندمت على ما كان مني، ثم قلت: أما عندكم عودُ غير هذا؟
قالوا: بلى. فأتيت بعود، وأصلحت من شأنه، ثم غنيت:
ما للمنازل لا يُجبن حزينا ... أَصَمِمْن أم بَعُد المدى فبلينا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute