للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فاندفعت الجارية تُغَنِّيه. فقال الأمير: أَعَاشِقٌ أنت يا ماني؟ فاسْتَحْيَى، وَغَمَزَ ابن طالوت أَلاَّ يَبُوحَ له

بشيء، فيسقط من عينه. فقال: مَبْلَغُ طَرَبٍ وشوق. كان كامنا فَظَهَرَ. وَهَلْ بَعْدَ المَشِيبِ صَبْوَة؟

ثم اقترح محمد على تنوسة بهذا الصوت:

حَجَبُوهَا عن الرِّيَاح لأنِّي ... قُلت يا رِيحُ بَلِّغِيها السَّلاَمَا

لَوْ رَضُوا بالحِجابِ كانَ ولكِنْ ... مَنَعوها عندَ الرِّيَاحِ الكَلامَا

فَغَنَّتْه فَطرِبَ محمد، ودَعا برطل فشرب. فقال ماني: ما على قائل هذا الشِّعر، لوْ زَاد فيه:

فَتَنَفَّستُ ثُمَّ قُلتُ لِطَيْفِي ... آهِ إن زُرتَ طيفَها إلْماماَ

خُصَّها بالسَّلاَمِ سِرّاً وإِلاَ ... منَعوها لِشِقْوَتِي أَن تَنَاما

فكان أثقفَ لدبيب الصبابة بين الأحشاء؛ وألطفَ تغلغلا الى كبد الصَّدى من زُلاَلِ الماء، مع حسن

تأليف نظامه، والانتهاء بالمعنى الى غاية تمامه. فقال محمد: أحسنت يا ماني. ثم أمر تنوسة بإلحاقهما

بالبيتين الأولين، والغناء بهما. ففعلت، ثم غنت بهذين البيتين:

يا خَليليَّ ساعةَ لاَ تَرِيما ... وعَلَى صَبَابَةٍ فأُقِيما

ما مَرَرْنا بِدارِ زَينبَ إلاَّ ... هَتَكَ الدَّمعُ سِرِّي المَكْتوما

<<  <  ج: ص:  >  >>