أصحابنا إلى (الشام)، فبينما هم يسيرون في بعض الطريق، في يوم شديد الحر؛ إذْ رفع لهم قصر. فقال بعضهم لبعض: لو ملنا
إلى هذا القصر، فَقِلْنَا بِفنائه حتى يذهب الحرّ. فَمِلْنَا إليه. فبينما نحن كذلك؛ إِذ انْفَرَجَ لنا باب القصر
عن مثل الغزال المروع، فنظرنا فإذا جارية، كأنها قضيب بان في كثيب. فقالت: مِمَّن القوم؟ فرماها
كل واحد منَّا بحدقته. وقلنا أصاميم من هاهنا. فقالت: هل فيكم أحد من (مكة)؟ فقلت: نعم. أنا رجل
من (بني مخزوم)، من أهلها، وسكانها. فأنشأت تقول:
يَا مَنْ يُسَائلُ عنَّا أينَ مَنْزِلُنا ... بِالأُقحوانة منا منزل قَمِنُ
إذْ نلبسُ العَيْش صفْواً مَا يكدره ... طعن الوشاة ولاينبوبنا زَمَنُ
وإِنَّ ذا القصر حقّاً مَا به وَطَني ... لكن مكة فيها الدارُ والوطن
ثم شهقت شهقة، فخرجت عجوز، فنضحت على وجهها الماء، وقالت: لك في كل يوم مثل هذا
مرات، والله للموت خير لك من الحياة على مثل هذا. فقلت للعجوز: ماقصة هذه الجارية؟ فقالت:
كانت، والله، لرجل من قريش، من أهل مكة فباعها، فهي لاتزال تحن إليه.
وحكي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، مرّ بطريق في المدينة، فسمع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute