للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحكى أبو الفرج. قال: كان لفتًى من التجار جارية من أجمل الناس، وكان معجباً بها، فأنفق عليها

مَالَه كله، حتى قلّت ذات يده، وضعف حاله، فذكرت له ذلك ذات يوم، فقال: مابلغني قطُّ شيء إلا

والذي صرت إليه أعظم. فقالت: هل لك في خير عوض، قال وماذاك؟ قالت: تبيعني، وتنتفع بثمني؛

فإن أصبت خيراً، وصلتك وإن تكن الأخرى، فقد أصبت مني عوضاً. قال: فعرضها على عبد الله بن

جعفر، فلما نظر إليها، أعجب بها، فقال: بكم هي؟ فقال: ما أدري؟ ولكن اَعْطِ فيها ما شئت. فأعطاه

مائة ألف درهم. فلما أخذ المال، نظر إلى الجارية، وجعل يقول:

وَلَوْلاَ قُعُودُ الدَّهرِ بي عنك لَمْ يكُنْ ... يُفَرِّقُنَا شيءٌ سِوى الموت فَاعْذُرِي

عَليكِ سَلاَمُ اللَّه لاَوَصل بَيْنَنَا ... وَلاَ زَوْرَ إِلاَّ أَنْ يشاءَ ابنُ جَعْفَرِ

فلما سمع عبد الله بن جعفر قوله، رق له، وقال: يا فتى! هي لك والمال، بارك الله لك فيهما. فانطلق

الفتى بالجارية والمال.

وحكى أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، قال: كان بالكوفة رجل يدعى ليث بن زياد، وكانت له

جارية، قَدْرَبَّاها، وأحسن أدبها، فخرجت فائقة في كل فن، مع كمال الجمال، فبقى معها مدة طويلة،

حتى ضعفت حاله، وقلّ ما بيده، فتبينت الجارية منه الاقلال. فقالت: يا مولاي! لو بعتني، كان أصلح

لك مما أراك فيه؛ وإن كنت أظن أني لا أصبر عنكَ. فَقَصَد رجلاً من النهيكيين يعرفها، ويعرف

فضلها، وباعها منه بمائة ألف درهم. فلما قبض المال، ووجه بها إلى النهيكي جزع عليها جزعاً

شديداً، فلما استقرت الجارية عند النهيكي

<<  <  ج: ص:  >  >>