للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لُبَانَةُ هَجْرُكُمْ أَبْلَى فؤادي ... وَمن يَبْلُ الهوى فقد اسْتَرابَا

قال: فوقفت عليه، وقلت: أَعِدْ عليّ ما قلت. فقال امض راشداً، واستعذ بالله. فقلت: وممّ استعيذ.

قال: مِنْ هَجْرِ محبوب، أو قِلَّة نَصِيب. قلت: ويحك! وَإِنك لَتَعشق. فقال: أَهْلُ العِشق كِرَام، وأهلُ

السُّلُوّ لِئَام. قلت: فلمن هذا الشعر؟ فقال: هو لي. قلت: فمن لُبَانة؟ قال: جارية لبعض أهلي، كلفت بها

زمناً، وأخذت منها أماناً. فأبى المقدار؛ وشط المزار، وتباعد الجوار. ياشيخ! هل لك في القِرى. قلت:

نعم، على اسم الله عز وجل. فأتاني بِوَطْبِ فيه لبن، فشربت منه، وترنمت وقلت:

وإني لأهواها وأهوى لقاءَها ... كما يشتهي الصادي الشرابَ المُبردَا

عَلاقَةُ حبِّ لجَّ في سَنَنِ الصّبا ... فَأُبْلَى وما يزداد إلاَّ تَجَدُّدَا

اذا أنت لم تعشق ولَم تَدْر ما الهوى ... فَكُنْ حَجَراً مِنْ يَابس الصَّخْرِ جَلْمَدَا

قال فبكى ثم قال:

وَلَوْ أَنَّ مَابِي بِالحَصَى فَلَقَ الحَصَى ... وبالرِّيحِ لَمْ يُسْمَعْ لَهنَّ هُبُوبُ

وَلَوْ أَنّنى أَسْتَغْفِر اللَّهَ كُلَّما ... ذَكَرْتُكِ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيَّ ذُنُوبُ

قال: فوعدته، ثم انصرفت عنه.

وحكى أبو بكر الصولي، قال: رأيتُ رجلا من أهل الأدب، قد ذهل

<<  <  ج: ص:  >  >>