للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعلم أن لذة العيش في الدنيا وصل المحبين؛ فلولا كتابك الذي قرأت هذه الساعة، لسفكت سيوف

الهجر دمي، وناطت ناره على كبدي.

وبعد هذا مكتوب:

كتابٌ أتاني من حَبيبٍ بِخطِّه ... فما أضعف النُّعْمى وما أوجب الشكرا

فلم أرَ مثلى لم أمت مذ قرأته ... لقد رُزِقَتْ نفسي التجلد والصَّبرا

وظلتْ تناجيني بما في ضميرها ... أنامل خطت لي بِأَقْلامها السِّحْرا

فقلت له: ياسيدي، يا ابن الوزير، لمن هذه الرقعة؟. ورجوت أن استخف به لصغر سنه، فأنشدني

هذين البيتين:

أَجُودُ بِمكْنونِ التِّلاد وإنني ... بِسرّك عمَّن سَالَنِي لَضنينُ

سَأصْفيك ودِّي مَا حَييتُ وَإن أمت ... بِوُدِّك عظمي في التراب دَفينُ

ثم قال لي: ياحسن، قُلْ في الفراق، والهجر، واللقاء، والوصل.

فقلتُ:

لا بَاركَ اللهُ في الفراقِ وَلا ... بَارَكَ في الهَجْر مَا أَمَرَّهُما

بل بارك اللهُ في اللقاءِ كَمَا ... بارك في الوصل ما أكدَّهُما

لو ذبح الهجر والفراق كَمَا ... تذبح شاة لما رحمتهما

وحكى عبد الله بن المعتز عن الزبير بن بكار، قال:

رأيتُ بِالثَّغْر رجلا، عليه أثر الذِّلة والاستكانة، كثير التنفس، وحركات الحبِّ لا تخفى. فسألته عن

خبره، حين خلوت به، فكانَ جوابه إلىَّ، تَحدّر أَدْمعه، وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>