للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى: (وذكروا الله كثيرا) فيما قال ابن زيد: أي في شعرهم، وقيل: لم يَشْغَلهُم الشعرُ عن ذكر الله

عز وجل. إنَّما هاجوا من كذَّبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمَّا قول النبي عليه السلام: "لأن

يمتلئ جوف أحدكم قيحا" الحديث، فذكر عن أبي عمرو عامر بن شراحيل بن عَبْد الشعبي أنه قال:

إنَّما عُني به الشعرُ الذي هُجِي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردَّ أبو عبيدة معمر بن المثنى

وغيره من أهل العلم هذا القول، وقال: تأويل الحديث عندي غير هذا؛ لأن الشعر الذي هُجي به

النبي عليه السلام لو لم يكن إلا شطر بيت لكان كفرا، فكأنه إذا حُمِلَ وجهُ الحديث على امتلاء القلبِ

منه، فقد رُخِص في قليله، ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه حتى يَغلب عليه فَيَشْغله عن القرآن،

وعن ذكر الله، فيكون الغالب عليه مِنْ أَيِّ الشِّعْرِ كَان. فأمَّا إذا كان القرآن والعلم أكثر من الشعر في

الجوف، فليس ممتلئاً منه. هذا قول أبي عبيدة وغيره، وهو صحيح موافق.

ومعنى (يَرِيَهُ): يأكل القيح جَوْفَهُ. قاله أبو عبيد وأنشد لسحيم عبدِ بني الحسحاس بن هند:

وراهُنَّ رَبِّي مثْلَ ما قَد وَرَيْنَني ... وأحْمَى على أكبادِهنَّ المكاوَِِيا

وقال الفراء: الورى داءٌ يُصيب الرجل والبعير في أجوافهما. مقصور، يكتب بالياء.

ويقال في دُعاء العرب (به الورى وحُمَّى خَيْبَرَى وشرُّ ما يُرى فإنُّه

<<  <  ج: ص:  >  >>