ابن عباس قال: إذا أعيتْكُم العربية في القرآن، فالتمسوها في الشعر، فإنه ديوان العرب.
قال أبو إسحاق:
فإن احتجَّ أحدٌ علينا بقول الله تبارك وتعالى (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يَمْتلىء
جوْفُ أحدكم قيحاً حتى يريه خيرٌ لَهُ من أن يَمْتَلِئَ شِعْراً" قلنا له: أمَّا الآية، فإنما أنزلها سبحانه في
شعراء المشركين الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. والدليل على ذلك،
أَنَّ الله تعالى قد استثنى المؤمنين منهم، فقال في الآية الأخرى (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا). إلى آخر الآية. ومعنى: وانْتَصَروا
من بَعْدِ ما ظُلِمُوا، أي ردُّوا على الكفار الذين كانوا يهْجون النبي عليه السلام. قاله ابن عباس، وأما
الغاوون، فقال: هم الكُفَّار يتبعهم ضُلاّلُ الإنْسِ والجِنِّ. وقال ابن زيد: الغاوون والشعراء هاهنا
المُشْركون. لأنَّ الغاوي لا يَتْبَعُ إلاَّ غاوياً مِثله. وقال عكرمة: الغاوون عُصاة الجن. وروى عن
مجاهد نحوه، وعن مجاهد أيضا هم الذين يتبعونَهم ويروون شعرهم. وعن الطبري: الشعراء، شعراءُ