واختلف القائلون بكراهة ذلك: هل تبطل به الصلاة، أم لا؟
فقال أكثرهم: تكره الصلاة، ولا تبطل.
وقد تقدم أن الصحابة بنوا على الصلاة خلف من أمهم مرتفعا عليهم، ولم يستأنفوا الصلاة.
وقالت طائفة: تبطل الصلاة بذلك، وهو قول مالك وابن حامد من أصحابنا، وحكي عن الأوزاعي نحوه.
واختلف أصحابنا: هل النهي متوجه إلى الإمام، أن يعلو على من خلفه، أم النهي متوجه إلى المأموم، أن يقوم أسفل من إمامه؟ على وجهين:
أحدهما: أن النهي للإمام.
فإن قلنا: أن هذا النهي يبطل الصلاة، بطلت صلاة الإمام.
وهل تبطل صلاة من خلفه أم لا؟ فيه روايتان عن أحمد في صلاة من اقتدى
بإمام، صلاته فاسدة.
والثاني: أن النهي متوجه إلى المأمومين خاصة.
فعلى هذا؛ أن كان الإمام في العلو وحده، وقلنا: هذا النهي يبطل الصلاة، بطلت صلاة المأمومين وصلاة الإمام؛ لأنه صار منفردا، وقد نوى الإمامة، وهذا مبطل عند أصحابنا.
وأن كان معه في العلو أحد صحت صلاته وصلاة من معه، وفي صلاة من أسفل منهم الخلاف السابق.
وأعلم؛ أنه لم يقع في ((صحيح البخاري)) حكاية قول لأحمد في غير هذه
المسألة، وهو خلاف مذهبه المعروف في كتب أصحابه، ولم أعلم أحدا منهم حكى ذلك عن أحمد، إلا أن القاضي أبا يعلى حكاه في ((كتاب الجامع الصغير)) له وجها. والله أعلم.