يعني بهذا الباب: أن المطر والطين، وإن كَانَ عذراً فِي التخلف عَن الجماعة فِي المسجد، إلا أَنَّهُ عذر لآحاد النَّاس، وأما الإمام فلا يترك الصلاة لذلك فِي المسجد، ويصلي جماعة فِي المسجد بمن حضر، وكذلك يوم الجمعة لا يترك الخطبة وصلاة الجمعة فِي المسجد بمن حضر فِيهِ، إذا كانوا عدداً تنعقد بهم الجمعة، وإنما يباح لآحاد النَّاس التخلف عَن الجمعة والجماعات فِي المطر ونحوه، إذا أقيم شعارهما فِي المساجد.
وعلى هَذَا، فلا يبعد أن يكون إقامة الجماعات والجمع فِي المساجد فِي حال الأعذار كالمطر فرض كفاية لا فرض عين، وأن الإمام لا يدعهما.
وَهُوَ قريب من قَوْلِ الإمام أحمد فِي الجمعة إذا كَانَتْ يوم عيد، أَنَّهُ يسقط حضور الجمعة عمن حضر العيد، إلا الإمام ومن تنعقد بِهِ الجمعة؛ فتكون الجمعة حينئذ فرض كفاية. والله أعلم.
ولا شك أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يترك إقامة الجمع فِي المطر، ويدل عَلِيهِ: أَنَّهُ لما استسقى للناس عَلَى المنبر يوم الجمعة، ومطروا من ذَلِكَ الوقت إلى الجمعة الأخرى، أقام الجمعة الثانية فِي ذَلِكَ المطر حَتَّى شكي إليه كثرة المطر فِي خطبته يومئذ، فدعا الله بإمساك المطر عَن المدينة، وسيأتي الحَدِيْث