وخرجه أبو نعيم، وعنده: أن المار والقائل بذلك هو ابن عمر.
وخطب عمر بن عبد العزيز، فذكر في خطبته: أن الله أقرب إلى عباده من حبل الوريد. وكان مجاهد حاضرا يسمع، فأعجبه حسن كلام عمر.
وهذا كله يدل على أن قرب الله من خلقه شامل لهم، وقربه من أهل طاعته فيه مزيد خصوصية، كما أن معيته مع عباده عامة حتى ممن عصاه؛ قالَ تعالى:{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}[النساء:١٠٨] ، ومعيته مع أهل طاعته خاصة لهم، فهوَ سبحانه مع الذين اتقوا ومع الذين هم محسنون. وقال لموسى وهارون:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:٤٦] وقال موسى: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء:٦٢] وقال في حق محمد وصاحبه
{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة:٤٠] .
ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي بكر في الغار:((ما ظنك بأثنين الله ثالثهما)) .
فهذه معية خاصة غير قوله:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ}[المجادلة:٧] الآية، فالمعية العامة تقتضي التحذير من علمه وإطلاعه وقدرته وبطشه وانتقامه. والمعية الخاصة تقتضي حسن الظن بإجابته ورضاه وحفظه وصيانته، فكذلك القرب.