وقوله:((إني لأرى من خلفي كما أرى من بين يدي)) ، هو فضيلة للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خصه الله بها، فكان ينظر ببصيرته كما ينظر ببصره، فيرى من خلفه كما يرى من بين يديه.
وقد فسره الإمام أحمد بذلك في رواية ابن هانئ، وتأول عليه قوله تعالى:
{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}[الشعراء:٢١٩] .
كما روى ابن أبي نجيج، عن مجاهد في قوله:{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ - وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}[الشعراء:٢١٨، ٢١٩] ، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يرى أصحابه في صلاته من خلفه، كما يرى من بين يديه.
وتأويل الآية على هذا القول: إن الله تعالى يرى نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين يقوم إلى صلاته، ويرى تقلب نظره إلى الساجدين معه في صلاته.
وقال الأثرم: قلت لأحمد: قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إني لأراكم من وراء ظهري)) ؟ قال: كان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه. قلت: إن إنسانا قال لي: هو في ذلك مثل غيره، وإنما كان يراهم كما ينظر الإمام عن يمينه وشماله، فأنكر ذلك إنكارا شديدا.