وقد ذكر شرحبيل بن سعد وأهل السير: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان كلما مر بدار من دور الأنصار كبني سالم وبني حارث بن الخزرج وبني عدي أخذوا بخطام راحلته، وعرضوا عليه النزول بحيهم، وهو يقول:((خلوا سبيلها؛ فإنها مأمورة)) ، حتى بركت بفناء دار أبي أيوب، عند مسجده الذي بناه.
وقول أنس:((وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض الغنم)) ، موافق لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره)) . ولقوله لما سئل: أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال:((المسجد الحرام)) . قيل له: ثم أي؟ قال:((ثم مسجد بيت المقدس)) . قيل: كم بينهما؟ قال:((أربعون سنة)) . ثم قال:((الأرض لك مسجد، فأينما أدركتك الصلاة فصل؛ فإنه لك مسجد)) .
وقوله: فأرسل إلى بني النجار، فقال:((ثامنوني بحائطكم)) - يعني: بيعوني إياه بثمنه.
قال الخطابي: وفيه أن صاحب السلعة أحق بالسوم.
فإنه طلب منهم أن يذكروا له الثمن، ولم يقطع ثمنا من عنده.