وهذا قول ثالث بالرخصة في ذلك لحاجة إليه، وإن لم يكن ضرورة.
وذكر البيهقي في كتابه ((المعرفة)) عن الشافعي في القديم، أنه ذكر قول مالك في هذا، واعتراض من اعترض عليه ثم أخذ في الذب عنه، واحتج بحديث ابن عباس
وغيره، وأشار إلى أن ذلك إنما قاله في المرور بين يدي المتنفلين الذين عليهم قطع النافلة للمكتوبة، ولا يجد الداخل طريقا غير الممر بين أيديهم.
ومعنى هذا أنه إنما يجوز المرور للضرورة بين يدي من يصلي صلاة مكروهة، هو من يتنفل بعد إقامة الصلاة، أو يطيل في نافلته وقد أقيمت الصلاة.
ولكن أصحاب مالك حملوا كلام مالك على عمومه في حال الضرورة كما تقدم، وهذا الكلام من الشافعي يدل على أن المأمومين لا يجوز المرور بين أيديهم إذا كانوا يقتدون بصلاة الإمام لضرورة ولا غيرها، كما قاله أحمد في غير حال الضرورة في رواية الأثرم.
وقال أصحاب الشافعي: إذا وجد الداخل فرجة في الصف الأول، فله أن يمر بين يدي الصف الثاني ويصف فيها؛ لتقصير أهل الثاني بتركها.
وهذا موافق لكلام الشافعي، حيث لم يجز المرور إلا مع تقصير المصلين، لكنه يخصه بحال الضرورة وأصحابه لم يخصوه بذلك.
ونص الشافعي في كتاب ((مختلف الحديث)) على أن المرور بين يدي المصلي إلى غير سترة مباح غير مكروه، واستدل بحديث