ترك ذلك في آخر عمره لما خفي عليها، وبقي الكلب الأسود لا ناسخ له.
وهذا المسلك فيه نظر، وقد أنكره الإمام أحمد في رواية حرب، وأنكره - أيضا - الشافعي في ((كتاب مختلف الحديث)) .
وعلى هذا المسلك يتوجه القول بإبطال الصلاة بالكلب الأسود خاصة.
وأحمد كان شديد الورع في دعوى النسخ، فلا يطلقه إلا عن يقين وتحقيق؛ فلذلك عدل عن دعوى النسخ هنا إلى دعوى تعارض الأخبار، والأخذ بأصحها إسنادا، فأخذ بحديث عائشة في المرأة، وحديث ابن عباس في الحمار، فبقي الكلب الأسود من غير معارض.
وهذا إنما يتوجه على القول بالفرق بين الوقوف والمرور، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد.
فأما على الرواية الثانية عنه بالتسوية بينهما، فلا تعارض بين حديث عائشة وحديث أبي ذر في المرأة، وإنما التعارض بين حديث ابن عباس في مرور الحمار وبين حديث أبي ذر، فمقتضى ذلك حينئذ أن تبطل الصلاة بمرور الكلب والمرأة دون الحمار، ولا يعرف هذا عن أحمد.
وعلى رواية التفريق بين الفرض والنفل، فلا تعارض بين حديث عائشة