وقد أجاب عن ذلك من قال باستحباب التأخير: أن المنتفي هو أمر الإيجاب، دون أمر الاستحباب، كما في السواك.
وقد خرج النسائي الحديث، وقال فيه:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن لا يصلوها إلا هكذا) .
ويدل على ذلك أن (لولا) تقتضي جملتين: اسمية، ثم فعلية، فيربط امتناع الثانية فيهما بوجود الأولى، والأولى هنا: خوف المشقة، وهو موجود، فالثانية منتفية، وهو الأمر.
وليس الأمر للإيجاب؛ لأنه ندب إلى تأخيرها، والمندوب مأمور به؛ ولأن في حديث معاذ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال:(اعتموا بهذه الصلاة) .
خرجه أبو داود.
وهذا أمر.
وهاهنا مسألتان يحتاج إلى ذكرهما:
المسألة الأولى:
هل تأخير العشاء إلى آخر وقتها المختار أفضل؟ أم تعجيلها أفضل؟ أم الأفضل مراعاة حال المأمومين؟
فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن تعجيلها أفضل، وهو أحد قولي الشافعي، بل أشهرهما، وقول مالك.