وانما يسقط حقه إذا قام معرضاً عنه؛ ولهذا لو قام لحاجة ثم عاد فهو احق بمجلسه، فكذا إذا قام لايثار غيره.
وفي قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لو يعلمون ما في النداء والصف الاول، ولم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا عليه)) : دليل على ان الاذان لا يشرع اعادته مرة بعد مرة، الا في اذان الفجر، كما جاءت السنة به، والا فلو شرعت اعادته لما استهموا، ولاذن واحد بعد واحد.
وقد صرح بمثل ذلك بعض أصحابنا، وقال: مع التزاحم يؤذن واحد بعد واحد. وهو مخالف للسنة.
وروي عن عمر، انه اختصم اليه ثلاثة في الاذان، فقضى لاحدهم بالفجر، للثاني بالظهر والعصر، وللثالث بالمغرب والعشاء.
وقد قيل: ان ابا بكر الخلال خرجه بإسناده، ولم اقف إلى الان عليه.
ولو قيل: انه يؤذن المتشاحون جملة لم يبعد.
وقد نص أحمد على انه لو اذن على المنارة عدة فلا بأس.
وقال القاضي ابو يعلى وأصحابه – متابعة للشافعي وأصحابه -: يستحب ان يقتصر على مؤذنين، ولا يستحب ان يزيد على اربعة.
ثم قالوا: ان كان المسجد صغيرا اذن واحد منهم بعد واحد، وان كان كبيراً اذنوا جملة؛ لانه ابلغ في التبليغ والاعلام.