وقد اختلف العلماء: هَلْ كَانَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إماماً لأبي بَكْر فِي هذه الصلاة، أو كَانَ مؤتماً بِهِ؟
وقد تقدم عَن عَائِشَة والقاسم بْن مُحَمَّد، أنهما ذكرا هَذَا الاختلاف، وأن الْقَاسِم قَالَ: عظم النَّاس يَقُول: أبو بَكْر كَانَ هُوَ المقدم – يعني: فِي الإمامة -، وعلماء أهل المدينة عَلَى هَذَا القول، وهم أعلم النَّاس بهذه القصة.
وذكر ابن عَبْد البر فِي ((استذكاره)) أن ابن الْقَاسِم رَوَى عَن مَالِك، عَن رَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرحمان، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج وَهُوَ مريض، وأبو بَكْر يصلي بالناس، فجلس إلى أَبِي بَكْر، فكان أبو بَكْر هُوَ الإمام، وكان رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بصلاة أَبِي بَكْر، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا مات نبي حتى يؤمه رَجُل من أمته)) .
قَالَ ابن الْقَاسِم: قَالَ مَالِك: العمل عندنا عَلَى حَدِيْث رَبِيعَة هَذَا، وَهُوَ أحب إلي.
قَالَ سحنون: بهذا الحَدِيْث يأخذ ابن الْقَاسِم.
أما مذهب الشَّافِعِيّ وأحمد، فهو أن هذه الصلاة الَّتِيْ حكتها عَائِشَة كَانَ
رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الإمام فيها لأبي بَكْر، ثُمَّ اختلفا:
فَقَالَ أحمد: كَانَ أبو بَكْر إماماً للناس – أَيْضاً -، فكانت تلك الصلاة بإمامين.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ: بل كَانَ مأموماً، وَهُوَ الَّذِي ذهب إليه البخاري والنسائي.