وقوله:((كرهت أن أحرجكم)) : أي أشدد عليكم، وأضيق بإخراجكم إلى المساجد فِي الطين. والحرج: الشدة والضيق.
وفي الرواية الأخرى:((كرهت أن أؤثمكم)) ، كأنه يريد إذا دعاهم إلى هذه الصلاة فِي هَذَا اليوم خشي عليهم الإثم إذا تخلفوا عَن الصلاة مَعَ دعائهم إليها، فإذا خرجوا حرجوا بخوضهم فِي الطين إلى ركبهم، وإن قعدوا أثموا.
وظاهر هَذَا: يدل عَلَى أن ابن عَبَّاس يرى أن الإمام إذا دعا النَّاس إلى الجمعة فِي الطين والمطر لزمتهم الإجابة، وإنما يباح لأحدهم التخلف إذا نادى:((الصلاة فِي الرحال)) . والله أعلم.
وقد نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الإمام أحمد، فيما رواه البيهقي فِي ((مناقب أحمد)) بإسناده، عَن مُحَمَّد بْن رافع، قَالَ: سَمِعْت أحمد بْن حنبل يَقُول: إن قَالَ المؤذن فِي أذانه: (الصلاة فِي الرحال)) ، فلك أن تتخلف، وإن لَمْ يقل فَقَدْ وجب عَلَيْك، إذا قَالَ:((حي عَلَى الصلاة، حي عَلَى الفلاح)) .