وإلى هَذَا القوم ذهب الثوري وأحمد – فِي المشهور عَنْهُ – وإسحاق وابن المنذر.
وَقَالَ أحمد: لا يقوم حَتَّى يفرغ من جميع عشائه، وإن خاف أن تفوته الصلاة مَا دام فِي وقت. قَالَ: لأنه إذا تناول مِنْهُ شيئاً ثُمَّ تركه كَانَ فِي نفسه شغل من تركه الطعام إذا لَمْ ينل مِنْهُ حاجته.
وحاصل الأمر؛ أَنَّهُ إذا حضر الطعام كَانَ عذراً فِي ترك صلاة الجماعة، فيقدم تناول الطعام، وإن خشي فوات الجماعة، ولكن لا بد أن يكون لَهُ ميل إلى الطعام، ولو كَانَ ميلاً يسيراً، صرح بذلك أصحابنا وغيرهم.
وعلى ذَلِكَ دل تعليل ابن عَبَّاس والحسن وغيرهما، وكذلك مَا ذكره البخاري عَن أَبِي الدرداء.
فأما إذا لَمْ يكن لَهُ ميل بالكلية إلى الطعام، فلا معنى لتقديم الأكل عَلَى الصلاة.
وقالت طائفة أخرى: يبدأ بالصلاة قَبْلَ الأكل، إلا أن يكون نفسه شديدة التوقان إلى الطعام، وهذا مذهب الشَّافِعِيّ: وقول ابن حبيب المالكي.