عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ:((يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله، وأقدمهم قراءةً، فإن كَانَتْ قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا فِي الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً)) .
وفي ألفاظ هَذَا الحَدِيْث اخْتِلَاف، وقد توقف فِيهِ أبو حاتم الرَّازِي، وحكى عَن شعبة، أَنَّهُ كَانَ يهابه؛ لتفرد إِسْمَاعِيل بْن رجاء بِهِ عَن أوس، فَقَالَ: إنما رواه الْحَسَن بْن يزيد الأصم، عَن السدي، وَهُوَ شيخ، وأخاف أن لا يكون محفوظاً – يعني: حَدِيْث السدي.
وهذه الأحاديث كلها تدل عَلَى التقديم بالسن عِنْدَ التساوي فِي القرءاة وغيرهم من الفضائل، وقد أخذ بذلك أكثر العلماء.
قَالَ عَطَاء والثوري وأبو حنيفة: إذا استووا فِي القراءة والفقة فأسنهم.
وَقَالَ مَالِك: للسن حق.
ولكن اختلفوا: هَلْ تقدم الهجرة والنسب عَلَى السن، أم لا؟
وفيه اخْتِلَاف بَيْن أصحابنا وغيرهم من الفقهاء.
وقول إِسْحَاق: إنه يقدم بالهجرة، وبعدها بالسن. وقيل: إنه ظاهر كلام أحمد – أَيْضاً.
ومما يفرع عَلَى التقديم بالسن، أَنَّهُ: هَلْ يكره أن يؤم الرَّجُلُ أباه إذا كَانَ أقرأ مِنْهُ وأفقه؟
فمن العلماء من كرهه، منهم: عَطَاء، وحكي عَن أَبِي حنيفة، ورواية عَن
أحمد، والمشهور الَّذِي نقله عَنْهُ أكثر أصحابه: أَنَّهُ لا يكره إذا