المسجد دون صاحب البيت؛ لأن إمام المسجد إنما يقدم بتقديم السلطان لَهُ غالباً؟ فِيهِ ثَلَاثَة أوجه لأصحابنا.
وظاهر مَا تقدم عَن قيس بْن سعد يقتضي أن رب البيت أولى من السلطان وإمام المسجد، كرب البيت فيما ذكرنا.
وروى الشَّافِعِيّ: أنا عَبْد المجيد، عَن ابن جُرَيْج، قَالَ: أخبرني نَافِع، قَالَ: أقيمت الصلاة فِي مسجد بطائفة المدينة، ولابن عُمَر قريب من ذَلِكَ المسجد أرض يعملها، وإمام ذَلِكَ المسجد مولى لَهُ، ومسكن ذَلِكَ المَوْلَى وأصحابه ثُمَّ، فلما سمعهم عَبْد الله جَاءَ ليشهد معهم الصلاة، فَقَالَ لَهُ المولى صاحب المسجد: تقدم فصل. فَقَالَ عَبْد الله: أنت أحق أن تصلي فِي مسجدك مني، فصلى المولى.
قُلتُ: لعل هَذَا المولى كَانَ عتيقاً لابن عُمَر، وأما لَوْ كَانَ رقيقاً لَهُ ففي كونه أولى بالإمامة نظر.
وقد قَالَ أصحابنا: السيد فِي منْزل عبده أولى مِنْهُ بالإمامة؛ لأنه يملكه ويملك منْزله.
وهذا قَدْ يبنى عَلَى أن العبد: هَلْ يملك ماله، أم هُوَ ملك للسيد؟ وفيه خلاف مشهور. والله أعلم.
وروى أبو قيس، عَن هزيل بْن شرحبيل، قَالَ: جَاءَ ابن مَسْعُود إلى مسجدنا، فأقيمت الصلاة، فقلنا لَهُ: تقدم. فَقَالَ: يتقدم إمامكم. فقلنا: إن إمامه ليس هاهنا. قَالَ: يتقدم رَجُل منكم.