وَقَالَ آخرون: بل يصلي القادر عَلَى القيام خلف الإمام الجالس جالساً، هَذَا هُوَ المروي عَن الصَّحَابَة، ولا يعرف عنهم اختلاف فِي ذَلِكَ.
وممن روي عَنْهُ ذَلِكَ من الصَّحَابَة: أسيد بن حضير وقيس بن فهد وجابر بن
عَبْد الله وأبو هُرَيْرَةَ ومحمود بن لبيد.
ولا يعرف عَن صحابي خلاف ذَلِكَ، بل كانوا يفعلون ذَلِكَ فِي مساجدهم ظاهراً، ولم ينكر عليهم عملهم صحابي ولا تابعي.
رَوَى سُلَيْمَان بن بلال، عَن يَحْيَى بن سَعِيد، عَن بشير بن يسار، أن أسيد ابن الحضير كَانَ يؤم قومه بني عَبْد الأشهل فِي مسجدهم، ثُمَّ اشتكى، فخرج إليهم بعد شكوه، فأمروه أن يتقدم فيصلي بهم، فَقَالَ: إني لا استطيع أن أقوم. قالوا: لا يصلي لنا أحد غيرك مَا كُنْتُ فينا. فَقَالَ: إني لا أستطيع أن أصلي قائماً فاقعدوا، فصلى قاعداً وصلوا وراءه قعوداً.
خرجه الأثرم وغيره.
وهذا إسناد صحيح.
وروى هِشَام بن عُرْوَةَ، عَن كثير بن السائب، عَن محمود بن لبيد، قَالَ: كَانَ أسيد بن حضير قَدْ اشتكى عرق النسا، وكان لنا إماماً، فكان يخرج إلينا فيشير إلينا بيده أن اجلسوا، فنجلس فيصلي بنا جالساً ونحن جلوس.