قياماً فصلوا قياماً، وإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً)) .
وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان فِي ((صحيحه)) من حَدِيْث الأعمش، عَن أَبِي سُفْيَان، عَن جابر – فِي هذه القصة – أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لهم:((إنما جعل الإمام ليؤتم بِهِ، فإن صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى جالساً فصلوا جلوساً، ولا تقوموا وَهُوَ جالس كما يفعل أهل فارس بعظامها)) .
وأما الكلام عَلَى دعوى النسخ، عَلَى قَوْلِ من قَالَ: إن أَبَا بَكْر كَانَ مأموماً، فأما عَلَى قَوْلِ من قَالَ: إنه كَانَ إماماً، وكان النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأتم بِهِ، كما تقدم عَن مَالِك وغيره، فلا دلالة فِي الحَدِيْث حينئذ عَلَى أن الائتمام بالقاعد بالكلية.
وأما من قَالَ: إن الإمام كَانَ هُوَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما قاله الشَّافِعِيّ والإمام أحمد والبخاري والأكثرون، فالجمع بَيْن هَذَا الحَدِيْث وبين الأحاديث المتقدمة الَّتِيْ فيها الأمر بالجلوس فِي الصلاة من وجهين:
أحدهما – وَهُوَ الَّذِي ذكره الإمام أحمد -: أن المؤتمين بأبي بَكْر ائتموا بإمام ابتدأ بهم الصلاة وَهُوَ قائم، ثُمَّ لما انتقلت مِنْهُ الإمامة إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتقلوا إلى الائتمام بقاعد، فاتموا خلفه قياماً لابتدائهم الصلاة خلف إمام قائم.
فعلى هَذَا التقرير نقول: إن ابتدأ بهم الإمام الصلاة جالساً صلوا وراءه جلوساً، وإن ابتدأ بهم قائماً ثُمَّ اعتل فجلس أتموا خلفه قياماً.