نازلاً؛ لأنه ذكر فِي حديثه سماع سُفْيَان لَهُ من أَبِي إِسْحَاق، وسماع أَبِي إِسْحَاق من عَبْد الله بن يزيد، وسماعه من البراء.
وقوله:((حَدَّثَنِي البراء وَهُوَ غير كذوب)) ظاهر السياق يقتضي أَنَّهُ من قَوْلِ عَبْد الله بن يزيد في حق البراء، ورجح ذَلِكَ الخطابي وغيره.
وَقَالَ ابن معين وغيره: إنما هُوَ من قَوْلِ أَبِي إِسْحَاق فِي حق عَبْد الله بن يزيد، وقالوا: إن الصَّحَابَة أجل من أن يوصفوا بنفي الكذب.
وهذا ليس بشيء، ونفي الكذب صفة مدح لا ذم، وكذلك نفي سائر النقائص؟ وقد كَانَ عَلِيّ بن أَبِي طالب يَقُول: والله مَا كذبت ولا كذبت، فنفى الكذب عَن نفسه، وأشار إلى نفيه عمن أخبره، وَهُوَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقالت عَائِشَة فِي حق عُمَر وابن عُمَر: إنكم لتحدثون عَن غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطيء.
وأبلغ من هَذَا، أن الله تعالى نفى عَن نفسه النقائص والعيوب، كالظلم وإرادته، والغفلة والنسيان، وكذلك نفيه للشريك والصاحبة والولد، وليس فِي شيء من ذَلِكَ نقص بوجه مَا.
وأيضاً؛ فعبد الله بن يزيد هُوَ الخطمي، وَهُوَ معدود من الصَّحَابَة، وله رِوَايَة عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف حسن نفي الكذب عَنْهُ دون البراء، وكلاهما صحابي؟ وإن كَانَ البراء أشهر مِنْهُ، وأكثر رِوَايَة. والله أعلم.
وفي الحَدِيْث: دليل عَلَى أن المأموم يتابع الإمام، وتكون أفعاله بعد أفعال الإمام؛ فإن البراء أخبر أنهم كانوا إذا رفعوا من الركوع لَمْ يحن أحد منهم ظهره حَتَّى يقع النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساجداً، ثُمَّ يسجدون بعده.