وفيه: دليل عَلَى أن الصَّحَابَة لَمْ يكن من عادتهم قراءة بعض سورة فِي الفرض؛ فإن معاذاً لما افتتح سورة البقرة علم الرَّجُلُ أَنَّهُ يكملها فِي صلاته، فلذلك انصرف.
وقد خرجه مُسْلِم من حَدِيْث سُفْيَان – هُوَ: ابن عُيَيْنَة -، عَن عَمْرِو، عَن جابر، وَقَالَ فِي حديثه: فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رَجُل فسلم، ثُمَّ صلى وحده وانصرف، فقالوا لَهُ: أنافقت يَا فلان؟ قَالَ: لا، والله، ولآتين رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلأخبرنه، فأتى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنا أصْحَاب نواضح، نعمل بالنهار، وإن معاذاً صلى معك العشاء، ثُمَّ أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى معاذ، فَقَالَ:((يَا معاذ، أفتان أنت؟)) – وذكر الحَدِيْث.
ففي هذه الرواية: أَنَّهُ انصرف بمجرد افتتاح معاذ للبقرة.
وفيها: أَنَّهُ سلم ثُمَّ صلى وحده وانصرف، ولم ينكر عَلِيهِ النببي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ.
وذكر البيهقي فِي ((كِتَاب المعرفة)) : أن هذه الزيادة – يعني: سلام الرَّجُلُ – تفرد بِهَا مُحَمَّد بن عباد، عَن سُفْيَان. قَالَ: لا أدري هَلْ حفظها عَن سُفْيَان، أم لا؛ لكثرة من رواه عَن سُفْيَان بدونها؟
وقد خرجه النسائي من طريق سُفْيَان – أَيْضاً -، وزاد فِيهِ بعد قوله:((فاستفتح بسورة البقرة)) : ((فلما سَمِعْت ذَلِكَ تأخرت فصليت)) .
وخرجه – أَيْضاً – من طريق الأعمش، عَن محارب بن دثار وأبي