وتفسيره الفتنة - هاهنا - بالإضلال بعيد، والأظهر: أن المراد بالفتنة هاهنا: الشغل عَن الصلاة؛ فإن من طول عَلَى من شق عَلِيهِ التطويل فِي صلاته، فإنه يشغله عَن الخشوع فِي صلاته، ويلهيه عَنْهَا، كما أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما نظر إلى أعلام الخميصة الَّتِيْ كَانَتْ عَلِيهِ فِي الصلاة نزعها، وَقَالَ:((كادت تفتنني)) وأمر عَائِشَة أن تميط قرامها الَّذِي فِيهِ تصاوير، وَقَالَ:((لا يزال تصاويره تعرض لِي فِي صلاتي)) .
ومنه: تخفيفه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة لما سَمِعَ بكاء الصبي مخافة أن تفتتن أمه.
ومنه: قَوْلِ أَبِي طلحة، لما نظر إلى الطائر فِي صلاته وَهُوَ يصلي فِي حائطه حَتَّى اشتغل بِهِ عَن صلاته: لَقَدْ أصابني فِي مالي هَذَا فتنة.
وقد سبق ذكر ذَلِكَ كله، سوى حَدِيْث بكاء الصبي؛ فإنه سيأتي قريباً - إن شاء الله تعالى.
وسبق حَدِيْث آخر فِي الصلاة عَلَى الخمرة فِي هَذَا المعنى.
ويجوز أن يكون مِنْهُ قَوْلِ الله تعالى:{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}[التغابن:١٥] ، وأن يكون المراد: أنها تشغل عَن عُبَادَة الله وذكره.