لحفصة: قولي لهُ: إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. قالَ:((إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلي بالناس)) . فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر، فأومأ إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى جلس عن يسار أبو بكر، فكان أبو بكر يصلي قائما، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي قاعدا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر.
قد تقدم ذكر هذا الحديث والإشارة إلى ما قيل في هذه اللفظة، وهي:((عن يسار أبي بكر)) ؛ فأن أبا معاوية تفرد بها، وما قيل فيما بعدها، وأنه مدرج، واختلاف الناس: هل كانَ أبو بكر إماما أو مأموما.
فإن قوله:((يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) قد قيل أن المراد به:
أنه كانَ يراعي في صلاته التخفيف على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويفعل ما كانَ أسهل عليهِ وأخف وأيسر، فكان ذَلِكَ اقتداؤه به، من غير أن يكن مؤتما به، كما قالَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعثمان بن أبي العاص لما استعمله على الطائف، وأمره بتخفيف الصلاة بالناس، وقال لهُ:((اقتد بأضعفهم)) – أي: راع حال الضعفاء ممن يصلي وراءك، فص صلاة لا تشق عليهم.
والأكثرون فسروا اقتداء أبي بكر بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بأنه كانَ مؤتما بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -