فأما إن أدخل الجنب يده في الماء، بعد أن نوى الغسل، فاعترف منه، وكان الماء قليلاً، فإن نوى الاغتراف من الماء لم يضره، وإن نوى غسل يده من الجنابة في الماء صار الماء مستعملاً.
وإن أطلق النية، ففيه قولان لأصحابنا وغيرهم من الفقهاء، أشهرهما - عندهم -: أنه يصير مستعملاً، وهو قول الشافعية.
والصحيح: أنه لا يصير بذلك مستعملاً.
وعليه يدل حديث عائشة وميمونة، واغتسال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأزواجه من إناء واحد، فإنه لو كانَ يصير الماء مستعملاً بغمس اليد في الماء، بدون نية الاغتراف، لوجب بيانه للأمة بياناً عاماً، فإن هذا مما تدعو الضرورة إليه، فإن عامة الناس لا يستحضرون نية الاغتراف، وأكثرهم لا يعلمون حكم ذَلِكَ، بل قد روي عن النبي واصحابه ما يدل على خلاف ذَلِكَ، وأن الماء لا يجنب باغتراف الجنب منه.
وروى سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قالَ: اغتسل بعض أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جفنة، فأراد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتوضأ، فقالت: يا رسول الله، إني كنت جنباً، قالَ:((إن الماء لا يجنب)) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي - وقال: حسن صحيح -، وابن خزيمة في ((صحيحه)) والحاكم وصححه.