على هذا التقدير، فإذا قال ابن مسعود هذا، وهو راوي الحديث الذي فيه:
((ثم ليتخير من الدعاء)) دل على أنه فهم من ذلك الاستحباب دون الوجوب؛ ولهذا ردّه إلى اختياره ومشيئته وإعجابه، وراوي الحديث أعلم بمعنى ما روى، فيرجع إليه فهم ذلك.
وقد سبق عن طاوسٍ: ما حكاه عنه مسلم، أنه بلغه عنه، أنه أمر ابنه بالاعادة إذا لم يتعوذ في صلاته من تلك الأربع.
وحكي بعض أصحابنا وجهاً لهم بمثل ذلك.
وحكُي عن أبي طالب، عن أحمد، أنه قال: من ترك شيئاً من الدعاء في الصلاة عمداً يعيد.
وقوله:((ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)) يستدل به على أنه يجوز الدعاء في الصلاة بما لا يوافق لفظه لفظ القرآن، وعامة الأدعية المروية عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صلاته كذلك، وقد سبق في الباب الماضي بعض ذلك.
وهذا قول جمهور العلماء، خلافاً لأبي حنيفة والثوري في قولهما: لا يدعو في صلاته إلا بما يوافق لفظَ القرآن، فإن خالف بطلت صلاته.
وحكى أصحاب سفيان الثوري مذهبه كذلك.
والصحيح - المنصوص عن أحمد -: أنه يجوز الدعاء بما يعود بمصلحة الدين بكل حالٍ، وهو قول جمهور العلماء.
وفي ((سنن أبي داود)) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لرجل:((كيف تقول في الصلاة؟)) قالَ: أتشهد، ثُمَّ أقول: اللهمّ إني أسألك الجنة، وأعوذُ بك من النار، أما إني لا أحسنُ دندنتك