وأكثر العلماء لا يكرهون للمأموم ذلك، وهو قول مالكٍ وأحمد.
وقد خرج أبو داود حديثاً يقتضي كراهته من حديث أبي رمثة، قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان أبو بكرٍ وعمر يقومان فيالصف المقدم عن يمينه، وكان رجلٌ قد شهد التكبيرة الأولى من الصلاة، فصلى نبي الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم سلم عن يمينه وعن يساره، حتى رأيت بياض خديه، ثم انفتل، فقام الرجل الذي أدرك التكبيرة الأولى من الصلاة ليشفع، فوثب إليه عمر، فاخذ بمنكبيه فهزَّه، ثم قال: أجلس؛ فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلاتهم فصل، فرفع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصره، فقال:((أصاب الله بك يا بن الخطاب)) .
وهذا الحديث يدل على كراهة أن يصل المكتوبة بالتطوع بعدها من غير فصل، وإن فصل بالتسليم.
ويدل عليه - أيضاً -: ما روى السائب بن يزيد، قال: صليت مع معاوية الجمعة في المقصورة، فلما سلم قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي، فقال: لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاةٍ حتى تتكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرنا بذلك، أن لا توصل صلاةٌ بصلاةٍ حتى نتكلم أو