ويدل على أنه كان يجلس قبل انصرافه يسيراً: ما خَّرجه مسلمٌ من حديث البراء بن عازبٍ، قال: رمقت الصلاة مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوجدت قيامه، فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء.
فهذا الحديث: صريحٌ في أنه كان يجلس بعد تسليمه قريباً من قدر ركوعه أو سجوده أو جلوسه بين السجدتين، ثم ينصرف بعد ذلك.
وخرّج مسلمٌ –أيضاً –من حديث عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول:((اللهم، أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والاكرام)) .
وقد سأل أبو داود الإمام أحمد عن تفسير حديث عائشة، وهل المعنى: أنه يجلس في مقعده حتى ينحرف؟ قال: لا أدري.
فتوقف: هل المراد جلوسه مستقبل القبلة يسيراً؟
قال: وقال أبو يحيى الناقد: صليت خلف أبي عبد الله –يعني: أحمد -، فكان إذا سلم من الصلاة لبث هنيةً، ثم ينحرف. قال: فظننته يقول ما روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فحكى القاضي في كراهة جلوس الإمام مستقبل القبلة بعد سلامه يسيراً روايتين عن أحمد.