الحالة الثانية: أن يجتمع عليهِ حدث أصغر وجنابة، إما بأن يحدث، ثم يجنب، أو على قول من يقول: إن الجنابة بمجردها تنقض الوضوء وتوجب الغسل، كما هوَ ظاهر مذهب أحمد وغيره.
فهذه المسألة قد سبقت الإشارة إليها والاختلاف فيها.
وأكثر العلماء على تداخل الوضوء والغسل قي الجملة.
قالَ الحسن: إذا اغتمس في النهر، وهو جنب، أجزأه عن الجنابة والحدث.
فعلى هذا؛ إذا غسل اعضاء الوضوء مرة، لم يحتج إلى إعادة غسلها.
قالَ: أحمد العمل عندي في غسل الجنابة، أن يبدأ الرجل بمواضع الوضوء، ثم يغسل بعد ذَلِكَ سائر جسده.
ولكن على هذا التقدير، ينوي بوضوئه رفع الحدثين عن أعضاء الوضوء.
فإن نوى رفع الحدث الأصغر وحده، احتاج إلى إعادة غسل أعضاء الوضوء في الغسل.
ثم إن المشهور عن أحمد - عندَ اصحابه كالخرقي ومن تابعه -: أن الغسل والوضوء لا يتداخلان، إلا بأن ينويهما، كالحج والعمرة في القرآن، وهو وجه
الشافعية.
وعلى هذا؛ فينوي بالوضوء رفع الحدث الأصغر، صرح به ابن أبي موسى من أصحابنا.
ويلزم من ذَلِكَ وجوب إعادة غسل أعضاء الوضوء في الغسل مرة أخرى.
فإن نوى بالوضوء رفع الحدثين معاً، لم يلزمه إعادة غسلهما مرة أخرى.
والمنصوص عن الشافعي، أنهما يتداخلان بدون نية، نص على ذَلِكَ في
((الأم)) ، وحكاه أبو حفص البرمكي رواية عن احمد، كما لو كانا من جنس واحد عندَ أكثر العلماء.