وأما إن نوى الجنب غسل الجمعة، ولم ينو غسل الجنابة، فهل يرتفع حدث الجنابة بذلك؟ فيه قولان للشافعي، وروايتان عن أحمد.
ومن أصحابنا من رجح: أنه لا يرتفع، لأن غسل الجنابة ليس سببه الحدث؛ ولهذا يشرع للطاهر.
وعلى هذا: فهل يحصل له به سنة غسل الجمعة مع بقاء غسل الجنابة عليه؟ فيه وجهان لأصحابنا والشافعية، أصحهما: أنه يحصل له ذلك.
وأختلف أصحاب مالكٍ: هل يرتفع حدثه بنية غسل الجمعة؟
فقال: ابن القاسم: لا يجزئه، وحكاه ابن عبد الحكم عن مالكٍ.
وقال أشهب وابن وهب والأكثرون منهم: يجزئه: وهو قول المزني.
وقوله:((ثم راح)) يدل على أنه لا تحصل سنة إلاغتسأل للجمعة إلا قبل صلاة الجمعة، وأنه لو اغتسل بعد الصلاة في بقية اليوم لم يكن آتياً بفضيلة الغسل المأمور به، وقد حكى ابن عبد البر وغيره إلاجماع على ذلك.
وأظن بعض الظاهرية يخالف فيه، ويزعم: أن الغسل لليوم لا للصلاة، ولا يعبأ بقوله في ذلك.
ويدل على أنه يحصل المقصود بالغسل، وإن اغتسل أول نهار الجمعة إذا كان الرواح متعقباً له.
فإن لم يتعقبه الرواح، بل أخر الرواح إلى بعده، فقال أكثر العلماء: تحصل له –أيضاً - سنة الغسل، فقالوا: ((