وقال الثوري –فيما إذا تصارفا ذهباً بفضة وقبضا البعض، ثم دخل وقت النداء يوم الجمعة -: فإنهما يترادان البيع.
وهذا يدل على أن القبض عند شرط لانعقاد الصرف، فلا يتم العقد الا به، وهو الصحيح عند المحققين من أصحابنا –أيضاً.
وأما ما ذكره عن عطاءٍ، أنه تحرم الصناعات حينئذ، فإنه يرجع إلى أنه إنما حرم البيع؛ لأنه شاغلٌ عن السعي إلى ذكر الله والصلاة، فكل ما قطع عن ذلك فهو محرم من صناعة أو غيرها، حتى الاكل والشرب والنوم والتحدث وغير ذلك، وهذا قول الشافعية وغيرهم –أيضاً.
لكن لأصحابنا في بطلان غير البيع من العقود وجهان، فإن وقوعها بعد النداء نادر، بخلاف البيع، فإنه غالب، فلو لم يبطل لادى إلى الاشتغال عن الجمعة به، فتفوت الجمعة غالباً.
وأكثر أصحابنا حكوا الخلاف في جواز ذلك، وفيه نظرٌ؛ فإنه إذا وجب السعي إلى الجمعة حرم كل ما قطع عنه.
وقد روي عن زيد بن أسلم، قال: لم يأمرهم الله أن يذروا شيئاً غيره، حرم البيع، ثم أذن لهم فيه إذا فرغوا.
وهذا ضعيف جدا؛ فإن البيع إنما خص بالذكر لأنه أكثر ما يقع حينئذ مما يلهي عن السعي، فيشاركه في المعنى كل شاغل.
وأستدل بعض أصحابنا على جواز غير البيع من العقود بالصدقة، وقال: قد أمر به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يخطب.