منبراً صغيراً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:((إما بعد؛ فإن الله أنزل في كتابه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء:١] –)) وذكر الحديث في الحثّ على الصدقة.
وخرّجه من طريق أخرى، ليس فيها لفظه:((أما بعد)) .
وخرّج – أيضاً - من حديث سعيدٍ بن جبير، عن ابن عباسٍ، أن ضماداً قدم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وان الله يشفي على يدي من
يشاء، فهل لك؟ فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الحمد لله نستعينه، من يهده الله فلا مضل
له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد)) .
فدلت هذه الأحاديث كلها على أن الخطب كلها، سواء كانت للجمعة أو
لغيرها، وسواء كانت على المنبر أو على الارض، وسواء كانت من جلوس أو قيام، فإنها تبتدا بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ثم يذكر بعد ذلك ما يحتاج إلى ذكره من موعظة أو ذكر حاجة يحتاج إلى ذكرها، ويفصل بين الحمد والثناء، وبين ما بعده بقوله: أما بعد.
وقد قيل: أن هذه الكلمة فضل الخطاب الذي أوتيه داود –عليه السلام -، وقد سبق ذكر ذلك في أول الكلام في الكلام على حديث كتاب