وممن روي عَنهُ أنه قالَ: يغتسل: ابن عباس، وعطاء، والشعبي، والنخعي.
وَهوَ قول أبي حنيفة، وظاهر مذهب أحمد، إلا أنَّهُ استثنى من ذَلِكَ أن يكون ثُمَّ سبب يقتضي خروج غير المني، مثل أن يكون قَد سبق منهُ ملاعبته لأهله، أو فكر قبل نومه، أو يكون بهِ إبردة فخرج منهُ بلل بسببها، فلم يوجب الغسل في هَذهِ الصور؛ لأن إحالة البلل الخارج على السبب الموجود المعلوم أولى من إحالته على سبب موهوم.
فإن لَم يوجد شيء من هَذهِ الأسباب لزمه الغسل؛ لأن خروج المني من النائم بالاحتلام هوَ الأغلب، فيحال البلل عند لشك عليهِ دونَ المذي وغيره؛ لأن خروج ذَلِكَ في النوم أندر، ولأن ذمته قَد اشتغلت بطهارة قطعاً، ولا يتيقن، بل ولا يغلب على الظن صحة صلاته بدون الإتيان بطهارة الوضوء والغسل، فلزمه ذَلِكَ.
والقول الثاني: لا غسل عليهِ بذلك حتى يتيقن أنَّهُ مني، وَهوَ قول مجاهد،
وقتادة، والحكم، وحماد، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبي يوسف، لأن الأصل الطهارة، فلا يجب الغسل بالشك.
والقول الأول أصح.
ولا يشبه هَذا من تيقن الطهارة وشك في الحدث؛ فإن ذاك لَم يتيقن شيئاً موجباً لطهارة في ذمته، بل هوَ مستصحب للطهارة المتيقنة، ولم يتيقن اشتغال ذمته بشيء، وهذا قَد تيقن أن ذمته اشتغلت بطهارة،