وأيضا؛ فمما يدل عَلَى أن الاستيطان يعتبر لها: أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يفعلها قط فِي اسفاره مَعَ كثرة أسفاره، وقد ادركه عيد النحر بمنى، وأدركه عيد الفطر فِي غزوة الفتح وَهُوَ مسافر، ولم ينقل أنهُ صلى العيدين فِي شيء من أسفاره، ولو فعل ذَلِكَ لما أهمل
نقله؛ لتوفر الدواعي على نقله، وكثرة الحاجة إليه. والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
وأيضا؛ فالحديث إنما ورد في ايام منى، وظاهره: أنها أيام التشريق.
ولو قيل: إن يوم النحر يدخل فيها، فلا يلزم من كونها عيداً للمسلمين جميعاً أن يشترك المسلمون جميعهم في كل ما يشرع فيها؛ فإنه يشرع فيها للحاج ما لا يشرع لغيرهم من أهل الأمصار، فلا يمتنع أن يشرع لأهل الأمصار الاجتماع على مالا يشرع لغيرهم بإنفرادهم، كالنساء والمسافرين. والله - سبحانه وتعالى - أعلم.