وثانيهما: أن صلاته جالساً لم تكن كصلاة غيره من أمته على نصف صلاة
القائم.
يدل عليه: ما خرجه مسلم في ((صحيحه)) من حديث عبد الله بن عمرو، قال: أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوجدته يصلي جالساً، فقلت: حُدّثتُ يا رسول الله، إنك قلت:
((صلاة الرجل قاعداً على نصف الصلاة)) ، وأنت تصلي قاعداً؟ قالَ:((أجل؛ ولكني لست كأحد منكم)) .
وأما حديث ثوبان، فتأوله بعضهم على أن المراد: إذا أراد أن يوتر فليركع ركعتين.
وكأنه يريد أنه لا يقتصر في وتره في السفر على ركعة واحدة، بل يركع قبلها ركعتين، فيحصل له بهما نصيب من صلاة الليل، فإن لم يستيقظ من آخر الليل كان قد اخذ بحظ من الصلاة، وإن استيقظ صلى ما كتب له، وهذا متوجه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وروي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يصلي في السفر صلاته من الليل قبل أن ينام.
ففي ((المسند)) من حديث شرحبيل بن سعد، عن جابر، أنه كان مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر، فصلى العتمة –وجابر إلى جنبه -، ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدة.